responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 142
أَوَّلًا مِنَ الْأَبَوَيْنِ أَوِ النَّاسِ أُمُورًا فَيَفْهَمُهَا ثُمَّ يَحْصُلُ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ بَصِيرَةٌ فَيُبْصِرُ الأمور ويجريها ثُمَّ يَحْصُلُ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ إِدْرَاكٌ تَامٌّ وَذِهْنٌ كَامِلٌ فَيَسْتَخْرِجُ الْأَشْيَاءَ مِنْ قِبَلِهِ وَمِثَالُهُ شَخْصٌ يَسْمَعُ مِنْ أُسْتَاذٍ شَيْئًا ثُمَّ يَصِيرُ لَهُ أَهْلِيَّةُ مُطَالَعَةِ الْكُتُبِ وَفَهْمِ مَعَانِيهَا، ثُمَّ يَصِيرُ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّصْنِيفِ فَيَكْتُبُ مِنْ قَلْبِهِ كِتَابًا، فَكَذَلِكَ الْإِنْسَانُ يَسْمَعُ ثُمَّ يُطَالِعُ صَحَائِفَ الْمَوْجُودَاتِ ثُمَّ يَعْلَمُ الْأُمُورَ الْخَفِيَّةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ذَكَرَ فِي السَّمْعِ الْمَصْدَرَ وَفِي الْبَصَرِ وَالْفُؤَادِ الِاسْمَ، وَلِهَذَا جَمَعَ الْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ وَلَمْ يَجْمَعِ السَّمْعَ، لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُجْمَعُ وَذَلِكَ لِحِكْمَةٍ وَهُوَ أَنَّ السَّمْعَ قُوَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَهَا فِعْلٌ/ وَاحِدٌ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَضْبِطُ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ كَلَامَيْنِ، وَالْأُذُنُ مَحَلُّهُ وَلَا اخْتِيَارَ لَهَا فِيهِ فَإِنَّ الصَّوْتَ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ يَصِلُ إِلَيْهِ وَلَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَى تَخْصِيصِ الْقُوَّةِ بِإِدْرَاكِ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، وَأَمَّا الْإِبْصَارُ فَمَحَلُّهُ الْعَيْنُ وَلَهَا فِيهِ شِبْهُ اخْتِيَارٍ فَإِنَّهَا تَتَحَرَّكُ إِلَى جَانِبٍ مَرْئِيٍّ دُونَ آخَرَ وَكَذَلِكَ الْفُؤَادُ مَحَلُّ الْإِدْرَاكِ وَلَهُ نَوْعُ اخْتِيَارٍ يَلْتَفِتُ إِلَى مَا يُرِيدُ دُونَ غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمَحَلِّ فِي السَّمْعِ تَأْثِيرٌ وَالْقُوَّةُ مُسْتَبِدَّةٌ، فَذَكَرَ الْقُوَّةَ فِي الْأُذُنِ وَفِي الْعَيْنِ وَالْفُؤَادُ لِلْمَحَلِّ نَوْعُ اخْتِيَارٍ، فَذَكَرَ الْمَحَلَّ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُسْنَدُ إِلَى الْمُخْتَارِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ سَمِعَ زَيْدٌ وَرَأَى عَمْرٌو وَلَا تَقُولُ سَمِعَ أُذُنُ زَيْدٍ وَلَا رَأَى عَيْنُ عَمْرٍو إِلَّا نَادِرًا، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُخْتَارَ هُوَ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ آلَتُهُ، فَالسَّمْعُ أَصْلٌ دُونَ مَحَلِّهِ لِعَدَمِ الِاخْتِيَارِ لَهُ، وَالْعَيْنُ كَالْأَصْلِ وَقُوَّةُ الْإِبْصَارِ آلَتُهَا وَالْفُؤَادُ كَذَلِكَ وَقُوَّةُ الْفَهْمِ آلَتُهُ، فَذَكَرَ فِي السَّمْعِ الْمَصْدَرَ الَّذِي هُوَ الْقُوَّةُ وَفِي الْأَبْصَارِ وَالْأَفْئِدَةِ الِاسْمَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْقُوَّةِ وَلِأَنَّ السَّمْعَ لَهُ قُوَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَهَا فِعْلٌ وَاحِدٌ وَلِهَذَا لَا يَسْمَعُ الْإِنْسَانُ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ كَلَامَيْنِ عَلَى وَجْهٍ يَضْبِطُهُمَا وَيُدْرِكُ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ صُورَتَيْنِ وَأَكْثَرَ وَيَسْتَبِينُهُمَا.
الْمَسْأَلَةُ الرابعة: لم قدم السمع هاهنا وَالْقَلْبَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ [الْبَقَرَةِ: 7] فَنَقُولُ ذَلِكَ يُحَقِّقُ مَا ذَكَرْنَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ ذَكَرَ الْأَدْنَى وَارْتَقَى إِلَى الْأَعْلَى فَقَالَ أَعْطَاكُمُ السَّمْعَ ثُمَّ أَعْطَاكُمْ مَا هُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ وَهُوَ الْقَلْبُ وَعِنْدَ السَّلْبِ قَالَ لَيْسَ لَهُمْ قَلْبٌ يُدْرِكُونَ بِهِ وَلَا مَا هُوَ دُونَهُ وَهُوَ السَّمْعُ الَّذِي يَسْمَعُونَ بِهِ مِمَّنْ لَهُ قَلْبٌ يَفْهَمُ الْحَقَائِقَ وَيَسْتَخْرِجُهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ مَا هُوَ السَّبَبُ فِي تَأْخِيرِ الْأَبْصَارِ مَعَ أَنَّهَا فِي الْوَسَطِ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّرْتِيبِ وَهُوَ أَنَّ الْقَلْبَ وَالسَّمْعَ سَلَبَ قُوَّتَهُمَا بِالطَّبْعِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا وَسَلَبَ قُوَّةَ الْبَصَرِ بِجَعْلِ الْغِشَاوَةِ عَلَيْهِ فذكرها متأخرة.

[سورة السجده (32) : آية 10]
وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (10)
لما قال: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ [السجدة: 9] بَيَّنَ عَدَمَ شُكْرِهِمْ بِإِتْيَانِهِمْ بِضِدِّهِ وَهُوَ الْكُفْرُ وَإِنْكَارُ قُدْرَتِهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى، فِي كَلَامِهِ الْقَدِيمِ، كُلَّمَا ذَكَرَ أَصْلَيْنِ مِنَ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتْرُكِ الْأَصْلَ الثَّالِثَ وَهَاهُنَا كَذَلِكَ لَمَّا ذَكَرَ الرِّسَالَةَ بقوله: تَنْزِيلُ الْكِتابِ إِلَى قَوْلِهِ: لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ [السجدة: 2، 3] الوحدانية بقوله: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ إلى قوله: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ [السجدة: 4، 9] ذَكَرَ الْأَصْلَ الثَّالِثَ وَهُوَ الْحَشْرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ قَالُوا مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِرَسُولٍ وَاللَّهُ لَيْسَ بِوَاحِدٍ وَقَالُوا الْحَشْرُ لَيْسَ بِمُمْكِنٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي تَكْذِيبِهِمُ الرَّسُولَ فِي الرِّسَالَةِ أَمْ يَقُولُونَ [يونس: 38] بِلَفْظِ الْمُسْتَقْبَلِ وَقَالَ فِي تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ فِي الْحَشْرِ، وَقالُوا بِلَفْظِ الْمَاضِي، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُمْ إِيَّاهُ فِي رِسَالَتِهِ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست